Page 105 - alamn
P. 105

‫كثيـــر مـــن الناس‪ ،‬ســـواء أكانـــوا فـــرادى أم‬       ‫العالـــم يمكـــن اســـتقراء احتمالين لتفشـــي‬         ‫عضوًّيـــا أو وراثًّيا أو قد يؤدي إلى الســـرطان‬
‫قطا ًعـــا خا ًّصـــا أم حكومًّيـــا‪ ،‬إلـــى حين يصل‬     ‫هـــذا الفيـــروس‪ ،‬أولهمـــا‪ :‬أن الطفـــرات‬            ‫أو غيره من الأمـــراض الفتاكة‪ .‬ولصغر حجم‬
‫العالـــم إلى القضـــاء على هـــذه الجائحة‪ ،‬قد‬           ‫المســـتحدثة تختلـــف باختـــاف القطـــر‬               ‫«الجينوم» الفيروســـي الذي لا يتعدى طوله‬
‫يكِّلفـــان العالـــم مـــا لا يمكـــن تو ُّقعـــه‪ ،‬وقد‬  ‫المتفشـــي فيـــه‪ ،‬بحيـــث تتشـــابه طفـــرات‬          ‫علـــى أقصـــى تقديـــر ‪ 30‬ألـــف حـــرف وراثي‬
‫تختفـــي دول مـــن خارطـــة الأرض‪ ،‬وقد تبلغ‬              ‫الســـالات المنتشـــرة في أوروبا بعضها مع‬              ‫(‪ ،)Sawicki, 2009‬ولكونـــه يتمَّيـــز إلـــى‬
‫البطالـــة ويبلـــغ الفقـــر مـــدى غيـــر محمودة‬        ‫بعض‪ ،‬وتتشـــابه طفرات ســـالات الصين‪..‬‬                 ‫جينـــات تركيبيـــة وأخـــرى غير تركيبيـــة‪ ،‬تنظم‬
‫عاقبتـــه‪ ،‬وقـــد يكون الســـبب فـــي ذلك كله‬            ‫وهكذا (‪ ،)Lauxmann, 2020‬وهذا إذا تأكد‬                  ‫في مجملهـــا آليات غـــزو الفيـــروس وتكاثره‬
‫ســـا ًحا فتـــا ًكا ينـــدرج تحـــت ما يطلـــق عليه‬     ‫فإنـــه يعطـــي الأمل فـــي التغُّلب علـــى هذا‬        ‫داخـــل خلايـــا العائـــل‪ ،‬فـــإن ذلـــك قـــد أغرى‬
‫الحـــرب البيولوجيـــة‪ ،‬وإلى حيـــن تتضح هذه‬             ‫الفيروس فـــي القريب العاجـــل؛ حيث يمكن‬               ‫علمـــاء كثيريـــن للقيـــام بهندســـة «جينومه»‬
‫التكهنـــات يظـــل القلـــق والترقـــب هما حال‬           ‫إنتـــاج لقاحات متخصصة تحول دون انتشـــار‬              ‫بشـــكل يمكـــن مـــن التغُّلـــب عليـــه أحياًنـــا‪،‬‬
                                                         ‫الفيـــروس‪ ..‬أمـــا الاحتمـــال الثانـــي فهـــو أن‬    ‫ويمكـــن مـــن تطفيره بشـــكل يضر البشـــرية‬
                                 ‫العالـــم كله‪.‬‬          ‫طفرات هذا الفيروس المســـتحدثة لا يمكن‬                 ‫ويفتـــك بهـــا أحياًنـــا أخـــرى‪ ،‬وربمـــا تكـــون‬
                                      ‫المراجع‬            ‫تمييزهـــا بعضهـــا عـــن بعـــض‪ ،‬فـــا يمكـــن‬        ‫الطفـــرة التي ُيحدثها الإنســـان في الفيروس‬
                                                         ‫تمييـــز طفرات ســـالات أوروبا عـــن طفرات‬             ‫غيـــر مضمونة الســـيطرة عليهـــا؛ فقد تؤدي‬
‫الكبير الداديســـي (‪ :)2016‬زيكا هـــل هو وجه جديد‬        ‫ســـالات الصيـــن‪ ..‬وهكذا‪ ،‬وهـــذا الاحتمال‬            ‫إلـــى إنتـــاج ســـالة شـــديدة الضـــراوة فـــي‬
                            ‫للحرب البيولوجية‪.‬‬            ‫إن صـــح فإنـــه يعنـــي أن هذا الفيـــروس عابر‬        ‫تفشـــيها وخطورتها وفتكها بالإنســـان‪ .‬وقد‬
                                                         ‫للقـــارات فـــي تفشـــيه بغـــ ِّض النظـــر عـــن‬     ‫يتحـــ َّور الفيـــروس وراثًّيا ليمتلك قـــدرة على‬
‫‪http://les-ayiriens.over-blog.‬‬                           ‫الموطن أو الجنســـية أو البيئـــة‪ ،‬وقد تباينت‬          ‫تطفيـــر نفســـه عند تفشـــيه بين الســـالات‬
‫‪com/201656/02/bf6db86-bb7.html‬‬                                                                                  ‫البشـــرية بشـــكل غيـــر قابل للســـيطرة‪ ،‬وقد‬
‫‪Sawicki, S. G. (2009). Coronavirus‬‬                            ‫آراء الباحثيـــن بيـــن هذيـــن الاحتمالين‪..‬‬      ‫يرتـــد علـــى منشـــئي طفرته الأولـــى فيهلك‬
‫‪genome replication. In Viral‬‬                                                                  ‫الخلاصة‬           ‫الأخضـــر واليابـــس‪ ،‬وهـــذا ربما الـــذي حدث‬
‫‪Genome Replication (pp. 2539-).‬‬                                                                                 ‫لفيروس «كورونا ‪ »19‬المســـتجد‪ .‬إن خطورة‬
‫‪Springer, Boston, MA.‬‬                                    ‫إن الاحتمـــال الثانـــي يعني خطـــورة الوضع‪،‬‬          ‫الحـــروب الجرثوميـــة أو البيولوجية قد تكمن‬
‫‪Lauxmann, M. A., Santucci, N. E.,‬‬                        ‫وأن أمـــام العالـــم وق ًتـــا غيـــر قصيـــر حتـــى‬  ‫فـــي عـــدم التحُّكـــم فـــي شراســـة الفيروس‬
‫‪& Autrán-Gómez, A. M. (2020). The‬‬                        ‫يتغَّلـــب على هـــذا الفيـــروس أو يتص َّدى له؛‬
‫‪SARS-CoV-2 Coronavirus and the‬‬                           ‫حيـــث يصعـــب مـــع هـــذا الاحتمـــال تحديـــد‬           ‫المحـــور وقلـــة إمكانية الســـيطرة عليه‪.‬‬
‫‪COVID-19 Outbreak. International‬‬                         ‫الجـــزء من الفيـــروس الذي يمكـــن من خلاله‬           ‫إن حجم جينوم فيروس «كورونا» المســـتجد‬
‫‪braz j urol, 46, 618-.‬‬                                   ‫إنتـــاج لقاحـــات متخصصة‪ ..‬كمـــا أن تعطيل‬            ‫يتـــراوح بيـــن ‪ 28000‬و‪ 30000‬حـــرف وراثي‬
                                                         ‫عجلـــة الاقتصـــاد العالمي وتجميد أنشـــطة‬            ‫فـــردي بين الســـالات المختلفـــة التي تمت‬
                                                                                                                ‫قراءتهـــا حتـــى كتابة هـــذه المقالـــة‪ ،‬ويتميز‬
                                                                                                                ‫بـــأن ‪ 260‬حر ًفـــا وراثًّيـــا في أولـــه تمثل قبعة‬
                                                                                                                ‫الفيـــروس‪ ،‬وحوالي ‪ 300‬حـــرف وراثي تكون‬
                                                                                                                ‫ذيلـــه‪ ،‬وفيما بيـــن القبعة والذيـــل توجد ‪10‬‬
                                                                                                                ‫جينـــات أطولهـــا هو الأول‪ ،‬وتنضـــوي داخله‬
                                                                                                                ‫‪ 14‬وحـــدة جينيـــة تكـــون البروتينـــات غيـــر‬
                                                                                                                ‫التركيبيـــة لهـــذا الفيـــروس‪ ،‬وباقـــي الجينات‬
                                                                                                                ‫التســـعة دورها تركيبـــي‪ .‬وتتمثـــل الطفرات‬
                                                                                                                ‫التـــي تنشـــأ فـــي ســـالات هـــذا الفيـــروس‬
                                                                                                                ‫في أنـــواع عدة‪ ،‬منها‪ :‬اســـتبدال حرف وراثي‬
                                                                                                                ‫بآخر‪ ،‬اســـتبدا ًل يغِّير من التركيـــب البروتيني‬
                                                                                                                ‫أو لا يغيـــر‪ ،‬ومنها طفـــرات الحذف وطفرات‬
                                                                                                                ‫الإضافـــة‪ ،‬وكلاهمـــا إمـــا يتغَّير بـــه التركيب‬
                                                                                                                ‫البروتينـــي للفيـــروس وإمـــا أ َّل يتغَّيـــر‪ .‬ومن‬
                                                                                                                ‫ملاحظـــة الطفـــرات التـــي ُفحصـــت فـــي‬
                                                                                                                ‫جينومـــات الســـالات التـــي غـــزت بلـــدان‬

‫‪105‬‬
   100   101   102   103   104   105   106   107   108   109   110